في مثل هذا اليوم السادس عشر من مارس عام 1917 وقّع القيصر الروسي نيقولا الثاني وبحضور حاشيته الإمبراطورية فرمان تنازله عن العرش معلناً انتهاء عصر روسيا القيصرية بكل سلطتها وجبروتها ثم غادر بعد ذلك إلى بسكوف حيث مقر قيادة الجيش ليلقي كلمة الوداع الأخيرة.
كان الفصل الأخير من مشاركة روسيا القيصرية في الحرب العالمية الأولى قبل شهور قليلة ضد دول المحور بقيادة ألمانيا كارثيا، ويمكن اعتبار ذلك على أنه بداية التفكك في ضوء المظاهرات الروسية المطالبة بالتوقف عن مشاركة روسيا في الحرب والتي لم يعرها القيصر الاهتمام اللازم.
وكانت المشاركة الروسية في الحرب التي عرفت بحرب الجبهة الشرقية بمباركة القيصر الذي قاد الجيش بنفسه قد ألقت بظلال ثقيلة على الوضع الداخلي في روسيا حيث انتشرت المجاعات وتسببت البيروقراطية الجائرة في منع وصول المعونات المحدودة أصلا للناس.
وفي الاسبوع الذي غادر فيه القيصر الى (بيتروغراد) حيث بلغت درجة الحرارة 35 درجة تحت الصفر، كانت الثورة قد نضجت بسرعة مذهلة وانطلقت بفعل معاناة طوابير الخبز وإضراب العمال لعدم وجود الفحم وإغلاق المصانع في وجههم فخرجت الجموع إلى الشوارع في مظاهرات هادرة حاملة لافتات معادية للقيصر مطالبة بسقوطه.
غادر القيصر المدينة تحت حماية الجنرال سيرجي خابلوف آمر القطعات العسكرية في بيتروغراد الذي فضّل عدم عزف الموسيقى الإمبراطورية التي تصاحب موكب الامبراطور في العادة، خاصة وأن على عاتقه أيضا تنفيذ أمر القيصر بإنهاء الشغب في العاصمة حالاً، ولكن وأمام ثورة الشعب الغاضب لم يستطع الجنرال تنفيذ الأوامر الملكية.
سقط آخر قصر للقيصر بعد تهديد من الثوار بإخلائه في غضون 20 دقيقة وإلا سيتم تفجيره وكان قائد الثورة ألكسندر كيرنسكي البالغ من العمر 36 عاماً آنذاك عضواً في المجلس التشريعي الروسي وثائراً اشتراكيا معروفاً ولم يكن أمام حلفاء القيصر إلا الهرب أو الاختفاء تحت الأرض لتنتهي بذلك فترة الحكم القيصري.
يرجع العهد القيصري الروسي إلى عهد ايفان الرهيب بين الأعوام 1533 – 1584 الذي كان أول من لقب نفسه بالقيصر، واستمرت القيصرية الروسية حتى سقطت في مثل هذا اليوم من عام 1917.
