أضخم المشاريع التنموية والاستثمارية التي أقيمت في تاريخ مصر الحديث افتتح في الخامس عشر من يناير عام 1971… انه السد العالي الذي يعد مرحلة فاصلة في توجهات مصر السياسية و علاقاتها بمعسكري الشرق والغرب.
لم يكن اختيار هذا اليوم لافتتاح المشروع مصادفة فقد قصد الرئيس محمد أنور السادات اختيار يوم الخامس عشر من يناير تكريماً لباني السد الراحل جمال عبد الناصر الذي ولد في مثل هذا اليوم من عام 1918.
كان مشروع بناء خزان السد العالي على نهر النيل أحد التحديات الكبرى التي قادها عبد الناصر في تلك الفترة الحرجة حيث كان يسعى لإثبات قدرة مصر والأمة على الحفاظ على استقلالها وسيادة قراراتها في وجه الضغوط الخارجية.
كانت القوى الغربية التي وافقت في البداية على تمويل مشروع السد قد انسحبت وهي الولايات المتحدة وإنكلترا والبنك الدولي كنوع من الضغط لتليين مواقف عبد الناصر السياسية، إلا أن الأخير اخار الاتجاه شرقاً وحصل من الاتحاد السوفيتي على ما يكفي.
وضع عبد الناصر الحجر الأساس للمشروع في التاسع من يناير عام 1960 وأُقيم المشروع في جنوبي أسوان لتخزين المياه و توليد الكهرباء و تحسين الملاحة في النيل، وشُيدت أمام السد واحدة من أكبر البحيرات الصناعية في العالم وسميت بحيرة ناصر.
بلغت تكلفة بناء السد مليار دولار أمريكي واحتفل رسمياً بانتهاء المرحلة الأولى من المشروع في عام 1964 وأُفتتح رسمياً في مثل هذا اليوم من عام 1971 وأخذ يعمل بأقصى طاقته ابتداء من عام 1977.
اليوم وبعد أكثر من نصف قرن على افتتاحه يقيم المختصون مشروع السد بأنه ناجح بشكل مرض، ومن إيجابياته أنه حما مصر من الفيضانات والجفاف حيث أن بحيرة ناصر تقلل من اندفاع مياه الفيضان وتقوم بتخزينها للاستفادة منها في سنوات الجفاف.
أما أبرز السلبيات فهي أن السد أدى لتآكل شواطئ الدلتا وحرمان وادي النيل من طمي الفيضانات التي تمد التربة بعناصر معدنية مفيدة للغاية. أما بحيرة ناصر فقد أدت لغمر قرى نوبية في صعيد مصر حيث اضطر أهلها لترك ديارهم وهو ما يعرف باسم “الهجرة النوبية”.
